samedi 12 avril 2008

حول التجديد الديني - جزء 2 من 2

في الجزء السابق من المقال حاولت أن أبين أن غياب سلطة مركزية من قبيل الفاتيكان في الإسلام يجعل من التجديد الديني مهمة صعبة . فلو خرج أحدهم بفتوى تبيح تقبيل الخطيب لخطيبته مثلا (وهي الفتوى التي أثار بها جمال البنا ضجة في الفترة الفارطة) سيخرج أيضا عشرات المعممين يبطلون فتواه ويدعونه إلى التوبة هذا إن لم يكفروه . فمن الواضح أن سلطة التكلم باسم الدين إن لم تعط رسميا إلى جهة واحدة مسؤولة عنها سيكون من السهل على الجميع ادعاء تملكها .

من الممكن أن نتحمس لفكرة التجديد من داخل الإسلام . ومن الممكن أن نجد هنا وهناك مدارس فكرية اسلامية تبشر بمزيد من الإنفتاح على العصر وعلى التحديات التي تواجه المسلمين في القرن الحادي والعشرين وتقطع مع فتاوى رضاع الكبير وبول النوق . لكن لنسأل أنفسنا صراحة : هل لهذا الإسلام "التقدمي" حظ في المجتمعات الإسلامية المعاصرة ؟ هل أن تفسيرا "حداثيا" لآية أو لحديث يمكنه أن يحل محل قرون من الجمود وآلاف الصفحات التي تقف عد حرفية النص ؟

أتسائل أحيانا لماذا يجد المسلمون صعوبة بالغة في إحتواء التطرف من جهة وفي مواجة النقد الموجه إلى دينهم من جهة أخرى . ألا نجد في القرآن آية "لا إكراه في الدين" مثلا ، وهي كافية للدلالة على سماحة الإسلام ؟ الجواب هو أن أي شيخ في جبال أفغانستان يستطيع أن يؤول تلك الآية على هواه ثم يخرج بدلها "اقتلوهم حيثما ثقفتموهم (أي حيثما وجدتموهم)" ، وهي كافية لتجييش الشباب المجاهد لا فقط ضد "الشيطان الأكبر" وأعوانه بل أيضا ضد أبناء البلد وضد الدولة باعتبارها أحد مظاهر الكفر .

التجديد من داخل المؤسسة الإسلامية السنية صعب جدا وذلك لعدم وجود تلك المؤسسة أصلا . وذلك لا يعني كما فهم البعض المناداة بتسمية بابا يلم شمل المسلمين السنة فالأمر يتعدى مجرد وجود المؤسسة ـ الرمز إلى شرعيتها التاريخية الوحيدة القادرة على إعطائها حق التكلم باسم الدين . وسيقول بعضهم أن الخليفة كان يقوم بهذا الدور وما علينا إلا إحياء الخلافة . والجواب هنا سهل جدا فمركز الخليفة سياسي بالأساس ولا علاقة له بالسلطة الدينية التي نعنيها في هذا السياق . الخليفة امبراطور وليس بابا ومنصب الحبر الأعظم لم ولن يوجد مثيل له إطلاقا في الإسلام السني .

ننسى أحيانا أن التجديد الديني الذي نتكلم عنه هنا ليس وليد اليوم . فلقد حاول عديد المفكرين الإسلاميين منذ منتصف القرن الـ 19 إعطاء نفس جديد للفكر الديني : محمد رشيد رضا ، الطهطاوي ، الكواكبي ، الأفغاني وغيرهم كثير... كان محمد عبده يقول بتقديم العقل على النقل وكتب محمد إقبال "تجديد الفكر الديني في الإسلام" في ثلاثينات القرن العشرين... لكننا اليوم لا نذكر أحدا من بين هؤلاء في حين لا تزال أفكار سيد قطب وحسن البنا وأبو الأعلى المودودي تسوّق على أنها تجديدية (ومن ذلك قول بعضهم إن الوهابية هي نظير للثورة اللوثرية في المسيحية !!).

لقد فشل المجددون الحقيقيون الذين حاولوا التغيير من داخل الإسلام السني وصعدت في مقابل ذلك أسهم مفكرين مسيسين يميلون للسلفية وللجهادية ولأطروحات التطرف والعنف . واليوم لم يبق لنا من الإجتهاد إلا الفتاوى الإلكترونية الوهابية وأفكار ابن تيمية وابن القيم مقدمة في ثوب "حداثي" . كان المجددون الأوائل مثقفين تقليديين تخرجوا من المنظومة الدينية السائدة وقتها ولم يمنعهم ذلك من الإنخراط في الحداثة والدعوة إليها فلماذا فشلوا جميعا ؟ الإجابة قطعا صعبة ومركبة ومرتبطة بتاريخ المنطقة المعقد ولا سيما الإستعمار ثم الأنظمة الدكتاتورية التي لحقته .

شخصيا لا أعتقد أن التجديد الديني ممكن اليوم ، وأتمنى فعلا أن يدلني أحدهم على دلائل إمكانية ذلك من داخل المنظومة التقليدية . ولا أعتقد أن إقحام الدولة سيأتي بالجديد في هذا المجال وذلك بسبب العوامل التي أوردتها في الجزء السابق من المقال بالنسبة للحالة التونسية . ثم هل يدخل ذلك في صلاحيات ومهمات الدولة المدنية الحديثة ؟ مدنية الدولة هي حسب رأيي الشرط الأول لتحقيق ما أسماه الرواد بالنهضة وما نسميه نحن بالتنمية . ليس من حق الدولة التدخل في الفقه كما ليس من صلاحيات الفقه التدخل في أمور الدولة إذ يختص الفقه بالروحانيات والعبادات وتختص الدولة بالمعاملات . وما الدعوة إلا العلمانية إلا محاولة لحماية الدولة من محاولات جرجرتها إلى مجالات ليست من اختصاصها (كلنا يعلم الكوارث التي تحل كلما تحدث مسؤول سياسي عن مسألة دينية ، أذكر مثلا تصريحات الأخزوري حول الحجاب) .

ولننظر إلى تطور الإسلام بصفة عامة : هل حقا يحتاج المسلمون إلى مجددين من داخل الإسلام اليوم ؟ هل حاجتهم إلى مارتن لوثر أشد من حاجتهم إلى فولتير أو روسو إسلامي ؟ بعبارات أخرى هل من المحتم المرور بثورة إصلاح ديني حتى يكون عصر الأنوار ممكنا ؟ أليس القائلون بذلك هم أول من يدعو إلى الإستنساخ الحرفي للتجربة الغربية ؟

إنها مجرد أسئلة للدفع بالحوار ليست لي أية أجوبة قطعية عنها .

ماني الإفريقي

4 commentaires:

Ghoul a dit…

Bonjour Mani,

Encore une fois j'adhère en grande partie à ton analyse, j'émets un seul bémol : a mon avis les mêmes raisons qui empêchent que la rénovation de l'islam ne vienne de l'intérieur, sont celles qui empêchent l'instauration d'une quelconque laïcité ou plus exactement l'avènement d'une sécularisation qui préparerait à une laïcité.
Le destin de l'Etat et de la pratique du pouvoir resteront lié à la religion à moins qu'on engage son abandon progressif, effectivement à travers une révolution des lumières en terre islamique. Mais cela aussi me semble lointain.

Barberousse a dit…

Merci Mani, excellente analyse et excellentes questions.

Maina a dit…

Salut Mani,
C'est un éternel dilemme que t'as soulevé à mon avis!
En fait, il y avait toujours depuis l'éternité cette inter réactivité entre politique et religion. Certaines civilisations ont créé leur propre religion, toute religion a créé sa relative civilisation.
Je pense que l'Islam même peut nous aider à manier ces deux pôles: politique + religion sans chercher à les joindre ou les dissocier.. Je pense qu'il y aura tjs une interférence tout comme l’interférence entre corps et âme..
ça pourrait être dingue, mais Je pense même que la laicité n'existe pas,
.. Reste à trouver la bonne équation, à chaque situation, c'est pour ça qu'on est là et qu'on doit faire travailler le méninges..
N'est ce pas ce que l'islam a imposé en premier: Ikra2 bismi Rabbika..

stsch a dit…

Saber
Bonjour tous l'monde
C vraiment ce qu'on a besoin d'ecouter nous les tunisiens, l'autre fois j'été en entretien en PFE avec une societe farncaise a tunis, parmi ces questions, ils m'ont demandé l'avis sur la laicité, beh moi g dit q je suis laique(...), alors apres ma sortie de l'entretient lawlad 3amlouli nhar "kifach t9oul illi inta laique... ya5i inta laique bel7a9?" malla 3bad Hadhi! ils ne laisse personne 3la ra7tou !!
En fin merci pour le discours, vraiment il m'a encouragé pour en defendre de ma laicité.