ج : أهلا بك . اسمي إبليس وينادونني أيضا الشيطان . لدي العديد من الأسماء بجميع لغات العالم . خُلقت قبل الإنسان بملايين السنين وسأظل بعده لملايين أخرى . كنت ملاكا كغيري من الملائكة ثم قرر الرب طردي من الجنة كما طرد آدم وزوجه .



س : فيم تتمثل مهمتكم بيننا سيد إبليس ؟

ج : على عكس ما تعتقدون مهمتي ليست نشر الشرور فأنا لا أميز بين الخير والشر كما سبق أن قلت . مهمتي هي أن أفتح أعينكم على العالم وعلى أنفسكم . أنا صوت الحقيقة التي تخشون سماعها ، أنا لسان حال التفاصيل الصغيرة التي لا تعيرونها اهتماما ، أنا من يضيء الجوانب المظلمة داخل دهاليز النفس البشرية . معظم بني البشرلا يستمعون إلي جيدا أو أنهم ينصتون إلى نصف ما أقوله لهم لأنني لا أدعو إلى اليقين بل إلى الشك المتواصل . لا أقول لهذا أو ذاك "اقتل" بل أقول له : "أنصت إلى صوتك الداخلي الذي يدعوك إلى القتل" . كل وجودي مسخر لأجعل من الإنسان موجودا قلقا لأن فطرته الطبيعية هي الإستكانة إلى اليقين . أتعرف ماذا أقول لمن يقرر أن يقتل أو يسرق أو يزني ؟ أقول له : أنصت إلى كل الأصوات داخل نفسك ولا تجعل أحدها يعلو على الآخرين ، استعمل عقلك ، فكر قبل أن تنفذ ، استعمل تلك القوة الربانية التي توارثتموها أنتم معشر البشر منذ آدم إلى اليوم ، استعمل قدرتك على معرفة الخير من الشر ...
س : يعني ذلك أن إبليس غير مسؤول عن الشرور في العالم ؟؟

س : ألا تدعوك عظمة الإنسان إلى الإعتراف أن رفضك السجود لآدم كان قرارا غير صائب ؟
ج : الحقيقة أنا لا يمكنني الحكم بمعيار الصواب والخطأ . عندما طلب إلينا الرب السجود لآدم وقعت في حيرة كبيرة إذ كانت أوامر الرب لي متناقضة : لا تسجد لغير الرب / اسجد لآدم . نحن معشر الملائكة غير مخيرين لذلك فإن الوضعية التي وجدت نفسي فيها كانت صعبة جدا . لم أسجد لآدم في نهاية الأمر لأن شيئا ما داخلي كان يمنعني من السجود إلى غير من خلقني لكن ذلك كان كافيا لإثارة غضب الرب ضدي...
س : هل هناك من بين البشر من أنصفك ؟

ج : أجل . فهم بعض الصوفيين ذلك منذ زمن بعيد . أما في الزمن المعاصر فإن أحدهم كتب فصلا في كتاب وسمه بـ"مأساة إبليس". أنا أشعر بالسعادة عندما أرى أن بعض البشر لديهم القدرة على تفهم موقفي إزاء السجود لآدم . أنا لا أحتقر البشر كما أني لا أعظمهم أكثر مما يستحقون .
س : لماذا دفعت آدم إلى الأكل من الشجرة ؟
ج : لقد كانت رغبة الأكل من شجرة معرفة الخير والشر كامنة في آدم قبل أن أقترب منه وأن أكلمه . كان لا يفكر إلا في ذلك وقد أرقته تلك الرغبة حتى صار لا يرغب في طعام أو شراب . قلت له : "لماذا لا تمد يدك وتقطف منها ؟" تجاهلني بادئ الأمر فاقترحت عليه أن يحدث زوجه بذلك علها تعينه في أمره ذاك . ولما حصل ذلك وشجعته حواء على الأكل من الشجرة ، قلت له : "هل أنت متحقق من أنك تريد تمييز الخير من الشر ؟" لم يستمع إلي وسارع إلى قطف الثمرة وراح يقضمها هو وزوجه ، أما البقية فيعرفها الجميع .
س : لكن العديدين يقولون أنك أوعزت إلى حواء وأنها هي من دفعت آدم إلى فعلته تلك ؟
ج : لقد رأيت بأم عيني حواء تخرج من ضلع آدم ، كما رأيت قبلها آدم يُخلق من طين . لم أكن لأكلم حواء لأنه في ذاك الزمن لم أكن لأعرف تحديدا إن كانت من نفس جنس آدم أم لا . حسب علمي لم يكلم الرب حواء بل كان كل خطابه متوجها إلى آدم ، لذلك فإني بدوري خاطبت آدم عندما علمت برغبته الخفية في قطف الثمرة . أما اليوم وقد تحققت أن حواء كائن كامل البشرية فإني أتكلم إلى الرجال والنساء على حد السواء .
س : ما هي مشاريعك المستقبلية ؟
ج : لا شيء تحديدا . سأكمل القيام بمهمتي على أكمل وجه بانتظار تعليمات أخرى . يشاع أن عالما جديدا سيرى النور في غضون بضعة ملايين سنة ولربما يكون لي دور ما في فتح بصيرة سكان ذلك العالم كما فتحت بصيرة أهل الأرض . أرجو ألا تحملوني أكثر مما أحتمل فأنا مجرد ملاك مغضوب عليه ... أما أنتم فقد ذقتم من الشجرة وصرتم كاملي المسؤلية فيما تقولون وتفعلون