lundi 8 septembre 2008

إرادة العدم عند نيتشه من خلال شخصية السبوعي


للموسم الرابع على التوالي تتحفنا التلفزة التونسية بسلسلة "هزلية" بطلها نجم في البهامة والتسطيكة وصحة الراس اسمه السبوعي . والواحد ينجم يتسائل علاش واحد بالمستوى هاذا ينجم يوصل للشعبية هاذي ولدرجة كونو عشرة ملاين بشر يتفرجو فيه ، ويعجبهم من فوق . طبعا الكلام ماهواش موجه إلى الممثل اللي ماهو إلا شخص يخدم في خدمتو وما نيش باش نقدح في مواهبو التمثيلية (كل واحد يعمل الصنعة اللي فلح فيها) . المقصود لهنا هو الشخصية الضعيفة اللي يجسدها السبوعي ، بالبهامة متاعها ، بتفسخها قدام الشخصيات لخرة بتجسيدها لكل ما هو سلبي وهابط ثقافيا (المستوى اللي تحت الصفر ، الذكاء المنعدم ، قلة الحيلة وقلة النباهة...). المؤهلات هاذي الكل خلات سي السبوعي نجم من نجوم التلفزة التونسي ، يحبو الجمهور ويطالب بيه (فمة شكون يطالب باش يرجعولوا السبوعي في بداية السهرة ينحيوا عليه مسلسل "مكتوب" اللي فيه برشة قلة حياء !!!!).

فمة شكون يقول اللي الناس الكل تحس رواحها ذكية قدام السبوعي . هاذاكة علاش الناس الكل تحبو عخاطرها تحب تحس روحها أقوى منو . الكلام هذا صحيح ، والكلام هاذا نجموا نأولوه بطريقة نيتشوية ونقولو اللي الرداءة ديما محبوبة . الشي الفارغ ، اللي مستواه ما جا شي ، اللي ما فيه حتى أدنى جمالية والا ذكا يجلب الناس ، ويدوم . عخاطر الرداءة تجبد الرداءة ونلقاو رواحنا في حلقة مفرغة متع "شكون يجيب ما أخيب". السبوعي يورينا اللي البهامة تنجم تولي قيمة إيجابية ، كيما التلامذة في الليسيات اللي يتعاركوا شكون يجيب أخيب من صاحبو ، وشكون يرجع ورقة فارغة في الإمتحان...

ها الميكانيزم هذا متع إعطاء الإعتبار للقيم السلبية وجعلها إيجابية هو ما يسميه نيتشه "العدمية" . وفمة برشة ماشي في بالهم اللي نيتشه فيلسوف عدمي بمعنى أنو يحب على العدمية ، لكنو هو في الحقيقة يشهر بالعدمية ، يفضحها عخاطر ما يمكنلهاش تمثل حاجة إيجابية بالنسبة للبشرية .

العدمية تراها في انتصار عباد كيما السبوعي ببهامتهم وتسطيكتهم . لكنها أيضا أعمق من هكة ببرشة ، والمثال متع السبوعي حبيت جوست نقرب بيه المفاهيم :
العدمية تراها في انتصار قيم تدعو للقناعة والخنوع والرضا بالدون . العدمية هي انتصار القيم السلبية على كل ما عندو معنى إيجابي في الحياة . العدمية هي انتصار فلسفة الموت على فلسفة الحياة .

فمة برشة يتسائلو كيفاش نيتشه اللي هو فيلسوف متثقف وزيد زيادة ملحد ، كيفاش نجم ينقد نظرية التطور ويجي ضد داروين . الحقيقة اللي نيتشه نقد الداروينية كفلسفة موش كنظرية علمية (نيتشه بحكم تكوينو ما عندو حتى صلاحية باش ينقد الأسس العلمية متع النشوء والإرتقاء). الحاجة اللي فاق بيها نيتشه واللي تتعارض مع الداروينية هي كونو القوى متع العدم أقوى مالقوى متع الحياة . الضحالة ديما تربح ، والموت ديما يربح ، واللي جاي أخيب ماللي فات . لذلك ما ينجمش يتفق مع نظرية تقول اللي الباهي ديما يبقى ، ويتعاود ! الباهي عند نيتشه ما يتعاودش . الباهي يجي مرة ويمشي . بينما اللي مستواه طايح تلقى منو برشة وديما عليه طلب . مثال السبوعي النجم .

قمة العدمية عند نيتشه هو انتصار الأخلاق المسيحية القايمة أصلا على قلب القيم . المسيحية إنتصار للموت على الحياة ، انتصار للرداءة ، للضعف ، للمرض ، للبهامة... تقول المسيحية :"من يحسن إلى الآخرين يصير سعيدا"، ويقول نيتشه :"من يكون سعيدا يحسن إلى الآخرين" . حسب راي الفيلسوف العظيم المسيحية هي قلب للقيم متع الحياة . الغاية تولي وسيلة ، والوسيلة تولي غاية . الحاجة الباهية تولي خايبة ، والخايبة تولي باهية . علاش الناس تحب السبوعي ؟ عخاطرو بوهالي . يسخف . وكي تسخف على السبوعي تحس روحك قوي مرتين : مرة عخاطرك حسيت روحك أذكى منو ، ومرة عخاطرك حسيت روحك طيب لأنك سخفت عليه . آما الشفقة اللي هي أصل الأخلاق عند المسيحية ، هي في الحقيقة أصل الشر عند نيتشه . الشفقة هي اللي تبرر الضعف ، هي اللي تخلي الفقر خير مالغنى ، هي اللي تخلي المرض خير الصحة (ابتلاء ، امتحان...) هي اللي تخلي الموت خير مالحياة (الآخرة خير وأبقى). وفي المسيحية الضحية يولي إلاه (يسوع). الضحية هي من أعلى المراتب عند الفسلفات العدمية . والضحية ديما عندها الحق .

العدمية ، في الأخير هي انتصار الموت على الحياة . موش عخاطر كلنا باش نموتو ، آما على خاطرنا وقتلي عايشين الموت هو اللي متحكم فينا . الكائنات اللي عايشة في العدم هي اللي تتحكم في مصايرنا ، تحكم فينا آش نعملو وآش نقولو وآش نخممو وتصنعلنا قيم على مقياس العدم : قيم ضد الحياة ، ضد الوجود ، ضد كل ما هو جميل وقوي ورائع .

نيتشه يؤمن اللي تاريخ العالم هو تاريخ انتصار العدمية . نيتشه يقلك اللي الرداءة ديما تربح . والسبوعي باش يرجعلنا العام الجاي في حين أنو الفن الحقيقي والإبداع والجمال حد ما يفهمو ، حد ما يلهى بيه ، يجي مرة ويمشي عروحو ، ما سمع بيه حد . والناس الكل تصفق للسبوعي وتستنى فيه ، تستنى في بهامتو الأسطورية .

نيتشه يتصور اللي باش يجي نهار وتوفى العدمية . مانيش عارف كيفاش لكن نجمو نتصورو ، ولو بصورة نظرية بحتة ، اللي ينجم يكون فمة عالم تنتصر فيه إرادة القوة على إرادة العدم . عالم القيم متاعو تولي مستمدة من إرادة القوة ، من الحياة بيدها ، ويندحر فيها العدم قدام الحياة . هاذا ماهواش العالم متع الإنسان ، آما العالم متاع الإنسان الأعلى . في هالعالم هذا الحياة هي القيمة لولى ولخرة . و في عوض يجينا السبوعي السنا والعام الجاي واللي بعدو ، يجينا السبوعي مرة برك وما يتلها بيه حد . الرداءة ماعادش تعجب حد ، في حين الحاجة الباهية ، الخلق ، الإبداع ، الفن الحقيقي اللي هو تعبير على الحياة في أعمق معانيها تولي حاجات شعبية ياسر ، مطلوبة ، حاجات تمشي وترجع وتزيد تقوى في حركة رجوع أبدي لا نهائية . لذلك يلزم نبداو نقلبو القيم السايدة اليوم ، باش نمهدو الطريق لظهور الإنسان الأعلى ولإعلان انتصار الحياة . وآخر كتاب حب يكتبو نيتشه وما كملوش كان اسمو "قلب القيم". وزرادشت هو الرسول اللي يبشر بالإنسان الأعلى . وفي جواب من جواباتو لواحد من أصحابو نيتشه يقول : "موش مهم كان ما فهمتش كتبتي ، نتصور الناس اللي باش تفهمهم باش تجي في حوالي العام 2000".

اللي نسيت ماقلتوش هو كونو التحليل متع نيتشه صحيح بالنسبة للعالم ، لكنو ينجم يكون صحيح على مستوى الفرد . يعني الإنسان الأعلى اللي باش يظهر ما هواش بالضرورة راطصة جديدة مازالت ما تولدتش . الإنسان الأعلى حاجة تنجم تتولد داخل كل واحد منا .

18 commentaires:

Le Loup des Steppes a dit…

je n'ai pas lu de textes de Nietzche sur le Darwinisme. Si t'as des liens je te remercie beaucoup de partager.
A ce que je sais de la théorie de l'évolution de Darwin, est que le terme "Evolution" ne fait aucune allusion à "Meilleur" et est purement "biologique". Sinon à "meilleur" dans le sens d'adaptabilité et capacité de survie. Il se peut que ce "meilleur" à pouvoir vivre est de plus en plus "mauvais" de point de vue intellectuel, éthique etc.

kacem a dit…

يا عطيك الصّحة ...في ها النقشّة ...
نقرى و إنعاود ...مرّتين ...و جيبتلي فكرة ....متع هاذوكم الناس ...
رسالة لمدير الأذاعة و التلفزة ...بإمضاء قاسم
راسي راسو ...

WALLADA a dit…

برافو على التحليل العقلاني و المحايد و المعمّق عملت عليه كيف

و اللّه يصلح درس متاع فلسفة و إلاّ علم نفس خير مالتخلويض الّي يملاوْ بيهم في مخاخ التلامذة

عياش مالمرسى a dit…

عندي برشة ما عملتش كيف على مقال كيف ليوم.. إرادة القوة،الرجوع الأبدي، الإنسان الأعلى لكلها كلمات تحيّرلي مشاعري.. و نشاله بالحق لعباد تبدا تفهم نيتشه و تفهم إرادة القوة و الحياة... تحيى الأسياد و الأسود و زرادشت و ديونيزوس

عاشور الناجي a dit…

WAW

WAW


WAW

no comment, just great ...

citoyen a dit…

في الحر الشديد وأنا صائم ومتعب ،وجدت،صعوبة في قراءةالنص فهل يمكن مراجعة
la mise en page

Anonyme a dit…

Bravo,Bravo,Bravo,...

Unknown a dit…

الكلام يبدو من الأول أنو كلام زعمة منطقي، أما بصراحة فيه برشة تخلويض

titof a dit…

رائع يا سي ماني
شكرا للافادة
:))

Mani l'Africain a dit…

@ loup des steppes :

Dans "comprendre Nietzsche" de Jean LEFRANC, au moins 2 passages sur Nietzsche et le darwinisme sont cités :

- Fragments posthumes, XIV, p102-103
- Fragments posthumes, XIV, p93

Je retranscris ici le 2ème passage plus court et plus compréhensible :

"Lorsque je considère les grands destins de l'humanité, ce qui me surprend le plus est d'avoir devant les yeux toujours le contraire de ce qu'aujourd'hui Darwin et son école voient ou veulent voir : la sélection en faveur des plus forts, des mieux venus de l'espèce. C'est précisément le contraire de ce qui est palpable : l'effacement des hasards heureux, l'inutilité des types supérieurement réussis, l'irrésistible domination des types moyens, et même sous-moyens. Une fois posé qu'aucune raison ne nous est montré que l'homme fasse exception parmi les créatures, je suis porté à juger que l'école de Darwin s'est partout trompée".

Mon opinion : même si la dernière phrase paraît tranchée et définitive, je pense que le débat porte ici sur l'interprétation du fait de la sélection naturelle : comme tu le dis dans ton commentaire, le mieux adapté n'est pas forcément le "meilleur". Toutefois, je n'exclus pas que Nietzsche qui avait des idées fausses sur bon nombre de sujets scientifiques (la transmission des caractères acquis par hérédité, par exemple) ne puisse pas se tromper sur une telle question. Cela est imputable à l'état des connaissances de l'époque.

Mani l'Africain a dit…

@ kacem, wallada, 3ayech, 3achour, articuler, titof : merci bcp !!!

@ issam :

لو كان تبينلي فينو التخليوض بالضبط باش ننجموا نتناقشوا.

@ citoyen : je corrige la mise en forme de suite. J'espère que tu arriveras à lire.

Alé Abdalla a dit…

EXCELLENT

Adem Salhi a dit…

نص جيد
شكرا لك

Scodento a dit…

مقال ياسر تحفون و اوريجينال

خاصة العنوان متاعو (:

هاو الابداع ولى لوح

Anonyme a dit…

مقال فتوقي كيما قال بطل مسلسل كتوب اللي عنده هامر

يعطيك الصحة و متحرمناش من ابداعك

Marouen a dit…

Salut Mani,
félicitations pour ton article!

DIDON a dit…

برّدتلي على قلبي بهل مقال على السّبوعي، تتصوّر وأنّو زملاءي في الخدمة يعدّيو الوقت الكلو وهمّا يحكيو علي السّبوعي وهمّا كيخ بالضّحك وأنا نتفرذج فيهم وما انّجمش انقلهم "قدّاكمشي تافهين، توّا انتوما متمتعين بهافدلكة؟"
merci

samilami a dit…

Je crois qu'il y a comme dans toutes idées humaines des vérités et de erreurs ! dans ce blog sur sbou3i !
mais le plus important : c'est mieux sbou3i msattek que les autres séries tv tunisienne où on ne trouve que de deux choses l'une :
- des gens qui ne se déplacent que dans les Hammer
- des gens qui ne jurent que par l'art et la création purement artistique !

Sbou3i , c'est nous tous au fond , quand on nous laisse pratiquer notre indolence !!